منتديات طريق العلم الإسلامية
مرحبا بك أيها الزائر الكريم
منتديات طريق العلم الإسلامية
مرحبا بك أيها الزائر الكريم
منتديات طريق العلم الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 06/10/2010

مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى Empty
مُساهمةموضوع: مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى   مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 17, 2010 8:23 am



الحداثة

الأستاذ/ أنور الجندي

ليست دعوة مرحلية من دعوات التغريب في مجال الأدب ، ومن حيث تدخل في إطار السريالية والوجودية أو مذاهب الكلاسيكية والرومانسية والواقعية ، وإنما هي شيء أكبر من ذلك : إنها ثورة على الثوابت الإسلامية الأساسية عن طريقٍ خافت الضوء هو (الشعر) حتى لا تحدث ضجيجاً أو صياحاً يفسد عليها هدفها الذي تسير فيه حتى تصــــل إلى غايتها الخطيرة . وهي تقصد أساساً إلى محاربة القيم الإسلامية وإزاحة فكرة الأصول الثابتة ، بهدف تغليب طوابع التطور المطلق ، والتغيير المتوالى الذى لا يعترف أساســـــاً بالضوابط والحدود .

ويرمي إلى فتح الطريق أمام حرية الإباحية ، وتمجيد العلاقة الجنسية ، والجرأة على أعلى القيم التي جاءت بها الأديان ، وذلك بتحطيم هذه الضوابط والحدود .
فهي عند فحص كتابات الداعين لها ، وتعمق كتاباتهم ( وخاصة مانشر من أبحـــــاث مؤتمرهم الذي جمعت أبحاثه لتكشف عن أبعاد هذا المخطط الخطير ) يتبين أن وراء هــذه الدعوة خطة رسمت بدقة وذكاء ومكر في نفس الوقت ، قام عليها الحاقدون على كل شيء طيب كريم في دنيا الإسلام والعرب ، وقد تعاقدت مطامحهم إلى توجيه ضــــربة للصـــحـوة الإسلامية عن غير الطريق الذي يتوقع منه الضربات ، بل عن طريق مدخل ضيق قــــــد لا يلتفت إليه الكثيرون وهو (الشعر)

وقد جاءت حركة الشعر الحر - شعر التفعيلة - وغيرها منذ ظهورها مقدمة ومدخلاً لهذا العمل الخطير ، قام على رأس هذه المؤامرة شاب علوي ، خدعه النصراني ( أنطون سعادة ) زعيم الحزب القومي السوري ، وليحمل لواء الدعوة إلى ما أسماه ( فينــــــيقيا ) وتلقفته الجهات التي استثمرته لخطة عمل بعيدة المدى ( علي أحمد سعيد - أدونيــــس ) وقد أتاحت له تلك الجهات أن يحصل على الدكتوراه في الأدب العربي من معهد الدراســات الشرقية في الجامعة اليسوعية في بيروت ، برسالة عنوانها ( الثابت والمتحول : دراســـة في الاتباع والإبداع عند العرب ) حاول فيها أن يهدم صرح العربية الشامخ ، ويثـــــــبت أن أصحابه غير مبتكرين أو مبتدعين ، ويبرهن على أنهم لم يقدموا شيئاً للإنســـــــانية ، وفي وضع ( أيدلوجية ) دعوته إلى الحداثة التي خُدع بها عدد من الشباب العربي الذي عجــزت خلفياتهم عن أن تحميهم من السقوط في هذا المستنقع .

دعاة الحداثة :
دعاة الحداثة كانوا كما يقول ( الدكتور حمد عبد العظيم سعود ) من أقليات بعضها ربما كان متهماً في دينه ، وبعضها كان لا يحظى من الأغلبية بنظرة ارتياح مطلقة ، أو أن هناك غالباً شيئاً عالقاً بالنفوس .
ففي سورية كان (علي أحمد سعيد) الذي زين له أنطون سعادة أن يغير اسمه إلى أدونيس) منتمياً إلى الحزب القومي السوري ، وهو حزب أعلن عداوته للإسلام والعروبة معاً ، إذ دعا إلى فينقة سورية ، ثم تحول أدونيس بعد ذلك إلى مذهب اللا منتمي ، وأدونيس هو القائل : إن السبب فى العداء الذى يكنه العرب للإبداع - كل إبداع - هو أن الثقافة العربية بشكلها الموروث هي ثقافة ذات معنى ديني ) ويعرف الأستاذ ولسون في كتابه (اللا منتمي) هذا المصطلح بقوله :
( لا صلاح لهذا العالم المليء بالمتناقضات إلا بالثورة والغضب وعدم الانتماء إلى أية قيمة أخلاقية من القيـم الموروثة ؛ بل لا بد من مواجهة العالم بكل مشاعر الحقد والكراهية ) ويقول محمد الماغوط من زملاء أدونيس "على اللا منتمي أن يحس باللا جدوى ؛ لأن هذا الوجود بلا موقف ، ولا دليل ، ولا مستقر ، ولا مرشد . فليس للا منتمي موقف إلا الإحسـاس بالســأم ، ويتمني الموت والأنانية الفردية ورفض كل المعطيات الخارجية " .
وفي لبنان كان هناك ( سعيد عقل ) الذي بايعه بعض النقاد والشعراء بإمارة الشعر ، وهو الذي خرج بعدها ليعلن أن اللغة العربية لا تفي بالتعبير عن المشاعر ، ولا بد من استبدالها باللغات (اللهجات) العامية وأن هناك مشكلة في كتابتها ، فليست كل أحرفهـــا منطوقة ، وبعض كلماتها ينقصها أحرف ، ولهذا كتب ديوانه (يارا) بلغة عربية في أحرف لا تينية وهو رجل (حراس الأرز) الذين جعلوا شعارهم قتل الغرباء (أي قتل المسلمين).
وفي مصر كان الدكتور لويس عوض ، وهو رجل كان يكرر في كل مناسبة أنه ليس قومياً ، وأنه علماني ، وقد لعب هذا الرجل دوراً خطيراً في الحياة الثقافية في مصر في الخمسينيات من هذا القرن العشرين ، حين كانت وسائل الإعلام كلها موجهة وتحت الرقابة الصارمة ، وكان هو المستشار الثقافي لجريدة الأهرام.
وقد قام لويس عوض - بروح متعصبة - دون أي شاعر عمودي يبتغي طريقــه إلى وسائل الإعلام والنشر من إذاعة أو صحافة أو أي وسيلة أخرى إلى الجماهير ، كما يقول الدكتور طاهر أحمد مكي في كتابه "الشعر العربي المعاصر - دوافعه ومداخل لقراءته " : ( وأفسح المجال واسعاً عريضاً لكل من يكتب الشعر الحر ، وإذا نشر قصيدة عمودية لشاعر عمودي مثل كامل الشناوي "مثلاً" نشرها موزعة الجمل على نحو يوحي بأنها من الشعر الحر ، وفي ظل هذه الحركة تحول شبان كثيرون لا يزالون شاردين في عالم الشعر - وكان يمكن أن يصبحوا شعراء عموديين ممتازين - إلى شعراء يكتبون كلاماً تافهاً في الشكل الجديد ، وأصبحوا كما يقول الشاعر أدونيس وهو ليس متهماً في شهادته هذه ؛ لأنه من دعاة الشعر الحر المتحمسين له "في الشعر الجديد اختلاط وفوضى وغرور تافه وشبـه أمية ، ومن الشعراء الجدد من يجهل حتى أبسط ما يتطلب الشعر من إدراك لأسرار اللغــــة والسيطرة عليها ، ومن لا يعرف من فن الشعر غير ترتيب التفاعيل في سياق ما ، إن الشعر الجديد مليء بالحواة والمهرجين " .
كان هناك بدر شاكر السياب ، وعبد الوهاب البياتي ، وهما من أخلص دعاة الماركسية نشر السياب قصائده وكلها صيحات إنكار وحيره بل وثورة على الله (جل في علاه) .
هذا أمر ، أما الأمر الآخر الذي يهدف إليه هذا التيار فقد كان واضحاً في تلك الرغبة المحمومة في إظهار الأحتقار للتراث الإسلامي العربي والزراية على الشعراء العرب القدامى المجددين ، ونعتهم بالصنعة والتكسب ، وإعلاء التراث اليوناني والروماني على ما فيه من وثنية .
ويسخر أدونيس من حادثة الإسراء في قصيدة (السماء الثامنة) .
ومعين بسيسو الماركسي يهزأ بالتراث وأعلام التاريخ ، ومن طريقة الإسناد في الحديث النبوي الشريف ويؤلف مقطوعة ساخرة (حدثني وراق الكوفة / عن خمار البصرة / عن قاضٍ في بغداد عن سايس خيل السلطان / عن جاريةٍ / عن أحد الخصيان) إلخ .. والحق أن الشعر الحر مترع بالدعوة إلى الإباحية على نحو لم يشهده الشعر العربي ، إلا عند بعض الشعراء الشواذ أو المنبوذين . والعجيب أن دعاة هذا اللون العجيب قد قفزوا في كثير من البلاد العربية إلى حيث التحكم في وسائل الإعلام ، حتى إنك تكاد تراهم يسيطرون سيطرة كاملة على هذه الوسائل في بعض بلدان العرب ، وفي هذا الجو الإرهابي أصبحت ترى شعراء عموديين يكتبون قصائدهم ، أو يعيدون كتابتها بعد تسطيرها وتبييضها وتقطيعها - إرضاء لهم وتقية - وقد ترجم كثير من تلك القصائد ؛ ليس لجودتها وإنما أولاً لسهولة ترجمتها لمستشرق شاذ ، أو لدوافع سياسية وعلل دينية .
ونحن نرجح أنها حركة مقصودة أريد بها طعن اللغة العربية ؛ لغة القرآن والإسلام وعمادها ؛ توطئة للإجهاز عليها . وستبقى العربية والشعر العمودي ، وسيبقى من فوقها القرآن والإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولن يصمد هذا المسمى بالشعر الحر طويلاً لأنه لا يعلق بالذاكرة ، أو يفرط في الرمزية المطرقة الجامحة والغموض والتلفيق ).
وإذا ذهبنا نستعرض الدعاة إلى الحداثة نجدهم جميعاً من متعصبي الأديان الذين دأبوا على محاربة الإسلام واللغة العربية ، واتخذوا شعار الحداثة ستاراً ينفثون من تحته سمومهم ، ويظهر ذلك واضحاً في كتاب غالي شكري ( شعرنا الحديث إلى أين ؟ ) ومنهم أدونيس .
والماركسيون أكبر أعداء الإسلام : بدر شاكر السياب والبياتي ودنقل ، وشعراء المجون ، وكان القس (يوسف الخال) قد رسم الخطة لهؤلاء وساقهم إليها وهو مبشر نصراني يقول: (خاسر من يبيع ثلاثة ويشري واحداً) . يقصد بالثلاثة عقيدة التثليث النصرانية والواحد هو عقيدة الإسلام.
ومنهم أمير إسكندر (نصراني ماركسي) وجبرا إبراهيم ، وأسعد رزق ، ولويس عوض ، وخليل حاوي وتوفيق الصايغ ، وشوقي ابن سقا ، وميشال طراد ، وميشال سليمان ، وسعيد عقل ، وموريس عواد ، وكلهم نصارى ، ويقول الدكتور طاهر التونسي بعد هذا العرض : إنه حتى عندما انتسب إلى مدرستهم بعض من تسمى بالإسلام استعمل التعبيرات النصرانية ، ويبدو ذلك واضحاً في شعر بدر السياب الذي يدعي أن المسيح صلب وقد كذب وكذب أساتذته النصارى واليهود فما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ، ويذكر عن آدم وحواء القصة كلها كما روتها التوراة لا كما رواها القرآن .
وقد أشار لويس عوض إلى أن صلاح عبد الصبور يقرأ الإنجيل بحماسة ، وأنه دخل دائرة الخلاص المسيحية . ونجد التركيز على التراث النصراني والمصطلحات النصرانية في شعره ، وله قصيدة ( حكاية قديمة ) عن المسيح وصلبه ، ونظم بعض أبيات من ( نشيد الإنشاد ) ونجد ذلك في معين بسيسو ونزار قباني :
(مصلوبة الشفتين ، الصليب الذهبي) وعبد الوهاب البياتي ( في صليب الألم ) وأمل دنقل: (العهد الآتي).


أيدلوجية الحداثة:
أجمع الباحثون على أن ( الحداثة العربية ) هي ثورة متمردة على كل نظام وقاعدة وقانون ، وأنها ترمي إلى هدم الضوابط والحدود والقيم والقواعد التي قدمها المنهج الرباني إفساحاً للمنهج البشري : القائم على التحول الدائم ، ويرى بعضهم أنها ثورة اجتماعية هدامة ، تتخفى وراء نصوص الشعر والأدب لتحجب غايتها وحركتها ، ولذلك فإن دعاة الحداثة يهاجمون الثوابت التي قدمها الدين الحق في عنف شديد ، ويصفونها بالجمود والمحافظة والتحكمات . وقد وصفها الأستاذ محمد عبد الله مليباري بأنها باطنية جديدة تحاول غزو مبادئنا وقيمنا ؛ بدءاً من الشعر وانتهاء بالعقيدة الإسلامية ، وأن المسألة ليست أن يكون الشعر عمودياً أو غير عمودي ، أو تفعيلياً أو نثرياً ، ولكنها أكبر من ذلك ، إنها محاولة هدم في:

1- قضايا العصر : السياسية والإجتماعية والاقتصادية ، وما يتصل بها من تحرير وحرية وعدالة.

2- وقضايا العصر التعليمية والعلمية والفنية ، وما يترتب عليها من مشكلات .

3- وقضايا العصر الأدبية والفنية ، وما تستحدثه من أجناس ومدارس واتجاهات .

ويمكن القول إن هذه المؤامرة قد وضعت قواعدها على أساس حركة الزندقة القديمة ، وجماعة المجّان الذين كان على قيادتهم ( الشاعر أبو نواس ) الذي كان حاقداً علــــى الإسلام ، والذي جندته قوى الباطنية والمجوسية والقرامطة ليهدم عن طريق الشعر جميع مقومات الثبات الإسلامي في البيئة العباسية ، وقد أعانه على ذلك مجموعة من الزنادقة والشعوبيين الذين تركوا تراثاً مسموماً استطاع المستشرقون إحياءه عن طريق شعوبي جديد يحمل في أعماقه جميع أحقاد المجوسية والباطنية .

وقد وضع أدونيس نظرية الحداثة على جملة أصول:

1- نظرية التطوير المطلق التي نقلها من فكر هيجل في دعوته إلى إلغاء الثوابت ، وهي نقيض نظرية أرسطو . وقد اصطنعتها القوى الصهيونية والماسونية لإحياء الفكر التلمودي وخلق نظرية تقول بأنه ليس هناك شيء ثابت أصلاً ، وأن كل شيء متطور ، وذلك لهدم ثبات الأديان والأخلاق والقيم . ويرون أن الإنسان هو محور العالم.

2- إحياء الوثنيات القديمة ، فقد كشفت رسالة أدونيس عن تقديره الوافر لفكر أبي نواس واهتمامه بفكر الملاحدة وأصحاب نظرية وحدة الوجود والحلول والاتحاد وإعادة إحيائها من جديد وهي الخطة التي وضع قواعدها المستشرق لويس ماسنيون .

3- تحطيم عمود اللغة العربية ، وهدف تحطيم الفصحى لغة القرآن هدف قديم وقد شارك فيه منذ بدأت حركة التعريب والغزو الثقافي ( ويلكوكس - لطفي السيد - سلامة موسى ، سعيد عقل - إلخ ) أملاً من هؤلاء الدعاة بأن تحطيم اللغة العربية سيحولها إلى المتحف ويفسح الطريق أمام تفرق الوحدة القرآنية الإسلامية الجامعة .

4- تحطيم عمود الشعر وذلك إيماناً منهم بأن عمود الشعر هو القاعدة الأساسية للأدب والبيان العربي بعد القرآن والسنة ، ومن هنا جاءت الحملة على الخليل بن أحمد وعلى كل الشعراء الملتزمين للنظم العربي الأصيل .

5- مهاجمة منهج الثبات والقيم ، وإطلاق اسم السلفية عليه ، والسلفية هنا تعني المعتقد الديني ، فالحداثة ترى أن الأفكار الباطنية والصوفية تحول من الثبات الديني بل تعتبر هذا التحول منطلقاً تاريخياً للحداثة العربية .

6- تغليب مفاهيم السريالية (النظرة التي لا يحكمها العقل) أو ما يسمى فوق الواقع ، وقوامها احتقار التراكيب العقلية والروابط المنطقية المعروفة والقواعد الأخلاقية والجمالية المالوفة والاعتماد على اللا شعور واللا معقول ، والرؤى والأحلام والحالات النفسية المرضية ، ولا سيما حالات التحلل النفسي ، ويعنون بالرغبات الجامحة .

7- تغليب طوابع الجنس والإباحة استمداداً من مفهوم الإغريق وعبادة الجسد وإباحيات الوجودية التي دعا إليها سارتر ، ونظرية التحليل النفسي الذي يعتمد الجنس التي دعا إليها فرويد ، ونظرية العلوم الاجتماعية التي دعا إليها دوركايم ؛ وفتح أبواب المجون والجنس والإباحة والتحلل الاجتماعي .

8- على أن يدور ذلك كله في إطار (التاريخانية) وهي الحتمية التاريخية لماركس فالمنهج الماركسي التاريخي هو الأساس الأيدلوجي للحداثة.

وقد عمد أدونيس - في سبيل صياغة هذه النظرية التي قدمها له شيخ المنظرين القس يوسف الخال - إلى استقطاب خيوط من التاريخ لتكون أدلة واضحة وأضواء كاشفة على الطريق ، وذلك بالاعتماد أساساً على الفكر الباطني الفلسفي والاهتمام برموزه ومحاولة ربط الخطوات بتطور الشعر الحديث وبالمرحلة الأخيرة منه ( قصيدة النثر وشعر التفعيلة ) واختيار الحاقدين الجدد على نسق الحاقدين القدامى : أبي نواس ومهيار الديلمي واعتماد الحركات التمردية الهدامة للمختار الثقفي والقرامطة . وقد خطا دعاة (الحداثة) خطوة متقدمة على مفهوم العصرية من ناحية والشعر الحر من ناحية أخرى .

فالشعر الحر تقليد لشعر (والت ويتمان) أما شعر الحداثة فهو متابعة للشاعر الصليبي توماس اليوت ، ويرى دعاة الحداثة أن الشعر الحر هو التيار ( السلفي ) الجديد بالنسبة لشعر الحداثة .

أما توماس إليوت فهو زعيم هذه المدرسة في الغرب ، خليفة دانتي الذي يحمل الحقد الصليبي الأعمى . يقول الدكتور عبد الله الطيب : لقد حذف اليوت في منظومته (الأرض المقفرة) اللفظ الدال على العرب واستبدله بكنيسة ماغنس ، وردد أشياء من التوراة والإنجيل . ويرجع هذا إلى الشعور الصليبي الموروث الصادر عن تعصب ديني أو عنصري إذ لا يخفى أن ظلال جزيرة العرب لا تخلو من معنى ظلال سيوف محمد وصلاح الدين والإسلام والجهاد .

فهو يرجع إلى الشعور الصليبي الموروث والتعصب الديني أو العنصري ومرده الزهو والغرور والاعتداء بالانتماء إلى حضارة اليونان والرومان .

ولا ريب أن كتمانه سرقة المعلومات وشعر العرب عن طريق مستشرقي الهند وفرنسا وحذفه اسم العرب وأسماء من أشاروا إليهم ، كل هذا يؤكد الشك في أصالة إليوت في منظومته (الأرض المقفرة) ويؤكد فساد وجهة الذين تابعوه من دعاة الشعر الحر والحداثة .
الحشاشية هي الجذور

ويحاول أدونيس ودعاة الحداثة أن يردوا فكرتهم إلى القديم ؛ وهم صادقون في ارتباطهم بالحشاشين والباطنية والمجوسية المتنامية في القرامطة ، ويتحدثون عن جذورهم في أبي نواس وأبي تمام والرازي وابن الرواندي ، على أساس أن الخاصية الرئيسية التي تميز هذا النتاج هي إذابة التقليد والمحاكاة ورفض النسج على منوال الأقدمين . ويركز أدونيس في كتابه ( الثابت والمتحول ) على الحركة القرمطية .

الحداثة وخلفياتها الأيدلوجية:

تهدف الحداثة إلى تجاوز القواعد الأساسية للإسلام : قواعد الثوابت هي بمثابة الضوابط والحدود التي تحفظ شخصية الفرد والوجود الاجتماعي ، وهي تحاول أن تخدع الناس بأن هولاء الرواد والرموز السابقين قد حطموا هذا القيد وتجاوزوه ، وأن هذه المحاولة هي التي مكنتهم من الإبداع وهم يدعون بأن الحداثة هي الثورة الدافعة لتجاوز التاخر والجمود والارتقاء إلى منطلق العصر .

وترد ذلك كله إلى ( التاريخانية ) " الماركسية " كمدخل للحداثة ، وترى أن هؤلاء الرواد يركزون على ( فكر التجاوز ) وأنه مصدر الإبداع ، وأن هذا التجاوز لا يتوقف فهو في حركة دائمة .

هذا هو مفهوم ( الثابت والمتحول ) وهذا يرمي إلى زعزعة فكرة النموذج أو الأصل ، أي أن الكمال لم يعد موجوداً خارج التاريخ ، وأصبح الكمال - بمعنى آخر - كامنًا في حركة الإبداع المستمرة .

هذه المحاولة كاذبة ومضللة ومحكوم عليها بالسقوط لأنها لا تقوم على أساس من الفطرة أو العلم أو الحق أو المنطق ، وإنما هي نوع من التمويه الكاذب والخداع المضلل ، لأن كل هؤلاء الذين اعتمد عليهم مفهوم الحداثة من رموز قديمة قد سقطوا فعلاً وداستهم الأقدام ، ولم يدخلوا التاريخ إلا في باب الشعوبيين والباطنيين وأعداء الإنسانية ، ولقد هزموا فكرياً في عصرهم وذهب كل ما قالوه من أكاذيب وادعاءات ، حتى جاء الاستشراق والغزو الفكري ليعيدهم إلى الحياة مرة أخرى .

وهي محاولة محكوم عليها بالانتهاء والدمار ، كالمحاولات الأخرى التي سبقتها ، ولن تجدي هؤلاء الدعاة الجدد نفعاً لأنها لا تقوم عندهم من منطلق أمين أو من منطلق غيرة على هذه الأمة أو رغبة في السمو بها ولكن من منطلق حقد وكراهية وهزيمة والمهزوم يعمل دائماً على كسب المهزومين إلى صفة ليحس بأنه ليس منبوذاً ، ولقد كان دعاة الشعوبية والباطنية مهزومين منعزلين ، شأنهم شأن أبي نواس وبشار في القديم حيث كان يتحاشاهم الناس ، وإذا كان قد أتيح لهم عن طريق " أحد غلمان التعريب والشعوبية " أن يذيع لهم فكرهم على هذا النطاق الواسع فإنها ليست إلا صيحة مضللة قد أغمدت الأقلام الإسلامية فيها خناجرها .

إن ( دعاة الحداثة ) هؤلاء إنما يدعون إلى توهين السلطة المطلقة - وهي الدين - والنيل من السيد الأعظم ( الله تبارك وتعالى ، علا وجل عن كلماتهم المسمومة ) ولن يتحقق يوماً أن تغلب الفئة الباطلة على النظام الرباني القائم في حكمه وقواعده وأي أصل من أصوله مهما تجمع لهذا دعاة الشعوبية والباطنية . ويرمي أدونيس إلى إلغاء كل قديم باعتبار أنه لاشيء في الوجود اسمه قديم ويهدف من ذلك الغاء فهمنا للقرآن الكريم وأنه كلام الله القديم .

والحرية عند الحداثيين هي التحلل من كل قيد ديني أو اجتماعي أو نظامي أو قانوني . وهم عندما يسمون الحداثة ( الثورة المتجهة لتجاوز السلفية ) يقصدون تجاوز قيم الدين والأخلاق ، وحين يدعون إلى حرية اللغة يقصدون الخروج باللغة عن سياقها ومضمونها وتحررها من إطارها التاريخي والبلاغي المرتبط بالبيان العربي والقرآن الكريم .

ويؤرخ أدونيس للحداثة بالدعوات التي خرجت على الإسلام ( المختار الثقفي والزنج والقرامطة ) ، ويرى أنها قامت بالتحرر من الثبات ، وكذلك دعوات الزنادقة ( في الشعر ) من الثبات ، والإباحية ودعاة وحدة الوجود والحلول والاشراق .

وبالجملة فإن الحداثة ( أيدلوجية مناهضة ) للإسلام الدين الحق والأخلاق وهي تقوم على الغموض في فهم النص ، وتفسيره تفسيراً مختلفاً ( لأن الشاعر ليس مطلوباً منه أن يفهم ما يكتبه ) ودعواهم الباطلة أنهم يتشبهون بتعابير القرآن متناسين أن لمفسر القرآن شروطاً لا بد أن تتوفر فيه .

وهم حين ينكرون العمودية في الشعر أو ينكرون التقييد بالوزن والقافية إنما ينطلقون من مفهوم الحداثة القائم على التمرد والثورة على كل قيد عقدي أو فني " كما تمرد أبو نواس وصوفية وحدة الوجود والحلاج ونظرية الحاكم بأمر الله " .

وقد استعمل الحداثيون نفس الألفاظ التي استعملها الباطنية سواء في الغرب ( نيتشه وفرويد ) أو في الشرق ( الباطنية والحلوليين ) .

ويرد أدونيس مفاهيمه إلى أصولها:

(السريالية قادتني إلى الصوفية وتأثرت بها أولاً ولكني اكتشفت أنها موجودة بشكل طبيعي في التصوف العربي ( يقصد التصوف الفلسفي) وتأثرت بالماركسية ونيتشه من حيث القول بفكرة التجاوز والتخطي وتأثرت أيضا بأبي تمام وأبي نواس من حيث فهم اللغة ، ولم تكن تورة المختار الثقفى والثورات القرمطية وثورة الزنج إلا توكيداً للقاعدة الماديــة ( الأرض - الاقتصاد - علاقات الإنتاج) ومن هنا نعرف أن حداثة أدونيس هي تلفيق من فكر الباطنية والملاحدة والإباحينن في الشرق والغرب وأنها تستهدف (ثوابت الإسلام) والإيمان بالغيب وتقوم على أسس ثلاثة:


1- عدم الانتماء لأي قيم أو منهج .

2- التمرد على كل الثوابت وفي مقدمتها الدين والأخلاق .

3- استعمال قواعد اللغة استعمالاً مغلوطاً .

4- بناء الصور الشعرية على أنقاض الأساطير القديمة .


مصطلح المطلق
وأخطر ما يركز عليه دعاة الباطنية الحديثة (الحداثة) هو ما يســمونه (المطلق) وهو الله تبارك وتعالى . وما من واحد من هؤلاء إلا وله في هذا المجال شعر رديء مليء بالإلحاد والفجور والله تبارك وتعالى أعلى وأجل عما يقولون . وهذا يكشف عن أن الهدف الحقيقي هو الثورة على العقيدة والألوهية والجذور الأصيلة للتكوين الاجتماعي وعلى كل ماهو متعارف ومقعد ومنظم ومتقن حتى القواعد اللغوية .

ومهاجمة النص المقدس عملية واضحة وأساسية في دعوتهم :

يقول كمال أبو ديب : ( من الدال جداً على أن النص المقدس في جميع الثقافات التي نعرفها هو نص قديم فليس هناك من نص مقدس حديث والحداثة بهذا المعنى هي ظاهرة اللا قداسة).

وهو يقصد بالنص المقدس القرآن والأحاديث النبوية وكل كتاب ديني تقدسه الأديان ، ويقول : ( لأنه لا سبيل لأن يكون الأدب حديثاً إلا إذا رفض كل نص مقدس وأصبح نقيضاً لكل ما هو مقدس حتى العبادة ) .

فالدعوة إلى تدمير القداسة . هي هدف أساسي في دعوة الحداثة ، وهي لاتقف عند ذلك بل تدعو إلى مقارفة الخطيئة بدعوى رفض كل قيد على الحرية الإنسانية ، ومن دعواهم إلغاء الخطيئة وبكارة الإنسان وإحراق التراث . وإلغاء الخطيئة يعني أنه لا خطيئة في الحياة ( الزنى ، الربا ، السرقة ، العقوق .. إلخ ) فيقولون : كلمة الخطيئة : يجب أن تشطب من قواميس اللغات .

والدعوة إلى العصيان المعلن قاعدة أخرى ، متمثلين بقول (أبي نواس):

فإن قالوا حرامٌ قل حرامٌ .. ولكن اللذاذة في الحرامِ .

وقد أعلن أدونيس في كتابه ( الثابت والمتحول ) أنه يرمي إلى تحول يزلزل القيم الموروثة من دينية واجتماعية وأخلاقية ، تحول في الثقافة التي يبثها الإسلام بقيمه الدينية ، ونحن نقول له هيهات فقد كان غيرك من الزنادقة أقدر ، والمعروف أن الأب بولس نويا اليسوعي هو الذي قدم منهجه ووصفه بأنه ( شاعر التحول المستمر ) .

وقد ركز على عبارة أدونيس ( نفسي تجردت من الماضي وقيمه كلها بما فيها القيم الدينية والخلقية ) . وعلق الأب بولس على ذلك فقال : " لقد انتهيت إلى نتيجة هي أن الرؤيا الدينية هي السبيل الأصلي في تغلب المنحى الثبوتي على المنحى التحولي في الشعر ، إن النظام الشامل الذي خلفه الدين ( يقصد الإسلام ) ، كان هو العامل الأساسي الذي جعل المجتمع العربي في القرون الثلاثة الأولى يفضل القديم على الحديث بحيث إنه وضع القديم في مجال الكمال واعتبر كل جديد خروجاً على المثال الكامل " .

وهكذا نرى كيف تتضافر قوى كثيرة على تأييد هذا المذهب وتشوه صفحات التاريخ الإسلامي ، وترى أن ثلة من الزنادقة ظهروا في القرن الثالث وداستهم الأقدام ، كانوا عوامل تجديد وحداثة كاذبة بدعوى أنهم تجاوزوا الثوابت واجترؤوا على الحقائق الإسلامية .

وهكذا كانت دعوة الحداثة : التحول هو المنطلق : وإن التجرد من كل الموروثات التي نمت مع نمو تاريخنا الإسلامي هو أساس المواجهة ، ومن العجيب أن أدونيس وثلته كانوا من المتجردين من موروثاتهم وأوساطهم وأسرهم وعقائدهم التي نشؤوا عليها وتنكروا لما غذتهم به أمهاتهم وآباؤهم من إيمان . وهكذا يدعو هؤلاء الخارجون على أمتهم ، يدعون الناس إلى خروج مثل خروجهم . إن هؤلاء ينكرون مفهوم الإسلام الجامع بين ( الثوابت والمتغيرات ) ويلجؤون إلى مفهوم الغرب الذي كان يؤمن بالثوابت وحدها ، وقد دفع هذا بعض المفكرين إلى تحطيم الثبات ، بالدعوة إلى ( التغيير المطلق ) ولكن هذه الدعوة لا تصلح في أفق الفكر الإسلامي لأنه لا حاجة له بها ، ( لما جاء الإسلام أرسى قواعد الثبات ونظم وسائل التحول والتغيير والتطور من داخل الثوابت الأساسية القائمة على الخلق والمسؤولية الفردية والإيمان بالبعث والجزاء ومن هنا وقف الإسلام أمام كل دعوة باطلة ترمي تحت اسم التحول إلى القضاء على الثوابت أو هزها أو النيل منها ) .

وتلك سنة الله في خلقه وناموسه في قيام الأمم والحضارات وتحولها وسقوطها . وكل الدعوات التي حاولت أن تنال من الثوابت الإسلامية ، كالبابية ، والبهائية ، والقاديانية والقرمطية فقد تحطمت لأنها مخالفة لمنهج الله وستذهب ( الحداثة ) وتدوسها الأقدام قبل أن يعرف دعاتها من أين أتتهم الجائحة ( فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) الحشر : 2 . مهما بلغ ارتفاع اسمهم فهو إلى انحسار ومهما انتشر فكرهم فهو إلى زوال .


ومقطع الرأي في ( الحداثة ) أنها
أولاً : ردة إلى طفولة البشرية وهجوم مستتر على الفصحى لغة القرآن بهدف تدمير منظومة البيان العربي التي عرفها العالم منذ أربعة عشر قرناً والمنسابة في جيمع كتابات العلماء والمؤرخين والفقهاء والتي تقوم على فقه اللغة والبيان والتحقيق التاريخي الذي استمده المسلمون من علم الحديث النبوي .

ثانياً : تهدف إلى تقويض المنزع الحقيقي للأدب العربي المرتبط بالقرآن الكريم والســنة ، كما تنزع إلى إغراقنا في مذاهب تجريدية والرموز والدادائية والسريالية .

وقد وصفه الدكتور مصطفى بدوي بأن ( الفن الذي استجاب لما حل بأوروبا من اضطراب شامل وكان نتيجة لانعدام اليقين والتجديد المعلن ، إنه الفن الوحيد الذي يصلح لانهيار العقل ولما صارت المدنية إليه من دمار إبان الحرب العالمية الأولى ، إنه في المجون والترف : دارون وماركس وفرويد ، جاء بعد القضاء على الحقائق العامة المشتركة وعلى أفكارنا التقليدية عن العلية ، وبعد اندثار الآراء المتوارثة عن وحدة الشخصية الفردية فأين نحن العرب من هذه الأشياء ؟!

إن ( المودرنزم ) حركة أوروبية ليست مقصورة على دولة واحدة من دول الغرب ، وهي شديدة الصلة بتأريخ أوروبا السياسي ومرتبطة بفقدان الإيمان الديني وهي تطوير للرومانتيكية والرمزية والواقعية بل ظهر ما يسمى بما ( بعد المودرنزم ) .

وهذا يختلف تماماً عن طوابع الأدب العربي العميقة الصلة بالقيم الأساسية من الدين والأخلاق .

وإذا كانت هذه الدعوة المدعاة قد وجدت من بعض القوى ما يفتح لها الطريق ، فإن هذا البريق الهلامي سوف لا يثبت تحت ضوء الشمس ، وقد انهزم شعراء الحداثة في المواجهة ، وتراجعوا في أكثر من موقع ، وحاولوا أن يغيروا خططهم . وقالوا إن شعر الحداثة يقرأ ولا يلقى ، وعجز أصحاب الحداثة عن بيان ما في نفوسهم فادعوا أنهم طلاب غموض ، وقد رفضهم المثقفون ، واتهموهم وانقطعت الجسور بينهم وبين الأدب الأصيل .

إن هذه الدعوة وافدة وليست لها جذور ، وهي كالنبت الغريب الذي يوضع في الأرض فلا ينبت ، وقد رفض الجسم الإسلامي العضو الغريب في محاولات كثيرة سابقة ، وفي هذه المحاولة يرفض بحسم التغريب ويرفض ما وراءه من أهواء ومن أهداف ومطامح ، لم تعد خافية على أحد .

منار الإسلام
ربيع الأول 1406هـ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al3elmway.ahlamountada.com
Admin
Admin



المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 06/10/2010

مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى   مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 17, 2010 8:24 am

***

المشروع الحضاري الإسلامي

الأستاذ/ أنور الجندي

لم يعد هناك مفر من أن يتقدم كتاب ومفكرو الأمة الإسلامية بتصوراتهم للمشروع الحضاري الإسلامي الذي أصبح ضرورة ملحة بعد أن مر المسلمون والعرب خلال السنوات الأخيرة بهذه التحديات الخطيرة التي واجهتهم والأخطار التي حاصرتهم مما يتطلب وضع تصور أصيل مستمد من مفهوم الإسلام الجامع ليكون نبراسًا للخطوات المتصلة على طريق الأصالة والعودة إلى المنابع وإقامة معاصرة في دائرة الأصالة يكون فيها (البناء على الأساس) وليكون هذا المشروع الحضاري الإسلامي بديلاً للمشروع الحضاري الوافد الذي حاول السيطرة على مقدرات المسلمين والعرب خلال قرن ونصف قرن من الزمان بعد أن ثبت عجزه عن العطاء وفشله في تحقيق الأمن النفسي والمجتمع الرباني .

ولقد أقام الإسلام منهجه الأصيل على أساس وحدة الفكر الجامع التي توسع دائرة الالتقاء والتعارف وتضيق دائرة الخلافات حتى تصل الإنسانية إلى عصر التراحم والوفاء من خلال المنهج الرباني الذي رسمه الحق تبارك وتعالى بديلاً للمنهج البشري القائم على الصراع والقتال وإثارة الأحقاد والخصومات والمطامع على النحو الذي نراه اليوم .

والذي يتطلع دعاته إلى شق القوى المجتمعة وتدمير الروابط والتي تستهدف أساسا تحويل الكيان الإسلامي الكبير إلى كيانات وكانتونات متصارعة وذلك بإيقاظ الخلافات المذهبية والتفرقة العرقية .

والواقع أنه لا سبيل لأي مشروع حضاري علماني أو قومي أو بشري أن يمكن لقيام الأمة القادرة على حمل رسالة الحق تبارك وتعالى للعالمين ، إلا إذا استمد مفاهيمه من الأصل الأصيل الخالد : النص الموثق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي جمع مختلف القيم الربانية العليا التي وهبها للبشرية (القرآن الكريم) والسنة الشريفة .

ومن هنا فلا بد أن يكون المنطلق الحقيقي من القرآن والسنة على النحو الذي بدأت به النهضة الأولى إيمانًا بأن القرآن كتاب البشرية الخالد الصالح لكل زمان ومكان والذي هو الينبوع الذي تنطلق منه المناهج والخبرات التي تمكن المسلمين خاصة (والبشرية عامة) من جني الثمار من خلال مخاطبة العقل والقلب والوجدان .

ومن هذا المنطلق يمكن تأصيل كل المنظمات القائمة وردها إلى منابعها : منظمة الانتماء ، ومنظمة المجتمع ، ومنظمة التعامل الخارجي مع الغير وتكامل المجتمع الداخلي وتصحيح مسار الاقتصاد ورفض النظام الربوي ووضع المرأة في مكانها الطبيعي عمادًا للأسرة والمجتمع وبناء التعليم على أسس التربية الإسلامية وتوجيه أدوات الترفية والتسلية نحو الوجهة السليمة التي تحقق هدف الترويح دون الدخول في دائرة الانحراف والتبذل وحماية الوجود الاجتماعي كله من الانحراف الأخلاقي ومن الفساد والفحشاء والإثم كله .

ولما كان الإسلام يمتلك قوة رائعة لا يمتلكها إلى منهج بشري أو أيدلوجية أخرى ؛ تلك هي الوسطية : وسطية التوازن والتكامل والمواءمة بين القيم بحيث لا يوجد من خلال ذلك أي صراع طبقي أو حصون بين الأجيال أو تضارب بين الآباء والأبناء .

هذا التكامل الجامع في الإسلام إنما يمثل ظاهرة حية نابضة بالقوة تمثل تكامل الفكر والوجدان ، وتكامل العقل والروح ، وتكامل الأصالة والمعاصرة ، تكامل النظرية والتطبيق ، تكامل الثوابت والمتغيرات هذا التكامل يفرض مسؤولية خطيرة على الفكر الإسلامي وهي أن تقف موقف المراجعة الواسعة للفكر المادي الغربي والفكر الروحي الشرقي باعتبار أم كل منهما يمثل (انشطارية) لاتحقق سلامة النظرة حيث تقف النظريات موقف التجزئة بينما يتميز الإسلام والإسلام وحده على جميع النظريات والأيدلوجيات والمذاهب في الشرق والغرب وفي القديم والجديد بكمالية النظرة والتوجه .

ويجب أن يكون واضحًا أمام الأمة الإسلامية أن التجربة الغربية بشطريها قد انتهت إلى الفشل وأن المسلمين لا يأخذون نظم الآخرين ولكنهم يستفيدون من الأنظمة والوسائل فيصهرونها في بوتقة فكرهم ويحولونها إلى مواد خام ينتفعون بها دون أن تحاصرهم أو ينصهروا فيها .

إن المشروع الحضاري الإسلامي يقوم على أساس الوحدة الثقافية بين كل العناصر التي تستظل بلواء الأمة الإسلامية انطلاقًا من رسالات السماء التي جاء الإسلام خاتمًا لها فأحسس ثقافته وقيمه ومعالمه التي هي بالنسبة للمسلمين دين وعقيدة وبالنسبة لغير المسلمين ثقافة وفكر لأنها تقوم على أساس التوحيد والإخاء الإنساني والالتزام الاخلاقي والمسؤولية الفردية .

ذلك أن رسالة الإسلام منذ جاءت فقد صهرت كل قيم الأديان واخلاقياتها في منظور جامع واحد قوامه اللغة العربية وقد جمع القرآن الكريم أصول رسالات السماء كلها من صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى .

والواقع أن عوامل الوحدة موجودة وقائمة وتمثل الثقافة الإسلامية الآن ثقافة المنطقة العربية والإسلامية كلها ، وقد جاء الإسلام لإقامة وحدة جامعة ، قوامها تكريم العناصر غير الإسلامية وإعطائها حريتها الدينية وإشراكها في مجريات النهضة والحضارة والعلم كما حدث في العصور الأولى ، والعمل على رفض ومقاومة مؤتمرات الغزو الفكري التي تهدف إلى إثارة الفتن والوقيعة والصراع بين عناصر المجتمع المتكامل وقد كانت الشريعة الإسلامية عنصرًا حاميًا ومؤكدًا لحقوق العناصر المختلفة التي صهرها المجتمع الكبير في بوتقته .

إن النظام الإسلامي هو المنطلق الحقيقي لبناء المشروع الحضاري الإسلامي بقاعدته العريضة من خلال فروعه الثلاث :

1- الشورى . 2- العدل الإجتماعي . 3- الحدود والضوابط .

وهذه القيم الأساسية هي وحدها التي تمكن المجتمع الإسلامي من التماثل المفضي إلى الوحدة الإسلامية الجامعة حيث تتسع دائرة التشابه وتمتد بمفهوم (التعارف) الإسلامي بحيث تلتقي كل العناصر والأقطار والقوميات والنحل حيث يصور الوطن الإسلامي وحدة كاملة في مجال الاقتصاد والثروة والقوى العاملة والأرض الزراعية ومعطيات الركاز مما تكشف عنه الأرض كالبترول والمنجنيز والكوبلت .

وليس هناك طريق آخر لبناء المشروع الحضاري الإسلامي غير إقامة هذا التصور السياسي والاقتصادي على أساس منهج الإسلام نفسه وليس على واقع المجتمعات القائم الأول والذي تشكل خلال السنوات الأخيرة من خيوط وافدة مغايرة لمعدنه الأصيل ومنهجه الصحيح حيث توضع قضية الديمقراطية بديلاً عن تطبيق الشريعة أو اعتمادها – أي الديمقراطية مرتكزًا أساسيًا للمشروع الحضاري الإسلامي ، ذلك أن الديمقراطية الغربية لم تستطع أن تحقق الشورى في مجتمعها الذي جاءت منه ، فبالأولى أنها لا تستطيع أن تكون قاعدة نظام يعتمد على المنهج الرباني ونحن نعرف الديمقراطية منذ جاءت من الغرب وكيف عجزت عن تحقيق أي عدل اجتماعي أو شوري حقيقية ، وأن ما نحتاجه منها وهو (الحرية) موجودة لدينا في النظام الإسلامي على نحو يعرف (بالحرية المنضبطة) وهي لن تكون إلا مدخلاً لتحقيق التصور الإسلامي أما ما يقال من أن تطبيق الشريعة (يتم في نهاية المطاف إذا قدر له) فذلك هو ما ينطلق من أهواء الذين يرمون إلى قيام مشروع حضاري إسلامي مغلوط ترضى عنه القوى الغربية ذات السلطان والتي ترغب في تفريغ الإسلام من مضمونه الحقيقي وتقص أجنحة الصحوة الإسلامية بالتمويه لتحجب مفهومات أساسية ترغب في حجبها : كالخلافة والشريعة الإسلامية والحكم وتحريم الربا ثم تضع كلمات أخرى زئبقية بحث لا يبقى بعد ذلك من الفكرة الإسلامية الأصيلة إلا تثبيت العلمانية الموجودة الآن والقائمة فعلاً بغلاف براق والحقيقة أنه لا عدل اجتماعي ولا حرية حقيقية (حرية منضبطة) ولا شوري ملزمة إلا من خلال المنهج الإسلامي .

والحقيقة أن المسلمين عربا وفرسا وتركا وهنودًا مسلمون تجمعهم مظلة لا إله إلا الله يليقون على مساحة واسعة من التكامل النفسي والاجتماعي ولا يحتلفون إلا في مساحة قليلة من عوامل البيئة أو ظروف العصر فالربانية هي القاعدة الأساسية لقيام المشروع الحضاري الإسلامي التي تجعل الوجهة خالصة لله تبارك وتعالى في دائرة ما أحله وتبعد عن دائرة ما حرم .

فإذا أردنا أن نتصور المنظومة الإسلامية وجدناها تتمثل في الوسطية الجامعة بين الروح والمادة والعقل والقلب والمنهج والتطبيق والوحي والنقل ، لقيم الشورى منطلقًا للحكم ولقيم الزكاة منطلقًا لحماية المجتمع وترسم الاقتصاد وفق حماية الأمة تأخذ من غنيها لتعطي فقيرها ، وتقيم حياتها كلها على أساس الأخلاق التي هي وعاء المجتمع والحضارة والفرد أيضًا .

والتي تبني الفرد المسلم على أساس المسؤولية الفردية والالتزام الأخلاقي وتجعله منطلقًا لبناء الأسرة المسلمة فالجماعة المسلمة فالحكومة المسلمة وتحقق رعاية كاملة لكل عناصر المجتمع لا تغفل الحدود والثغور وتنهض بمفهوم الجهاد الإسلامي (واعدوا) لهم ما استطعتم من قوة ترهبون بها عدو الله وعدوكم وهي ما يمسى في العصر الحديث (القدرة على الردع) وحماية أسرار الأمة وكيانها (لا تتخذوا بطانة من ذويكم) ويجب أن يكون واضحًا أن الشورى الإسلامية ليست هي الديمقراطية وأن العدل الاجتماعي ليس هو الاشتراكية كما يحاول البعض التمويه على الشباب المسلم ولنكن واعين تمامًا إلى حقيقة أساسية وهي أن الفكر الليبرالي الغربي قد اثبت منذ سنوات عديدة ومنذ عرفته البلاد العربية والإسلامية عجزه تمامًا عن العطاء حتى في دائرة بلاده حيث يطالب الناس بنظام اقتصادي جديد ، كذلك كان الأمر بالنسبة للنظام الماركسي الاشتراكي .

وقد أكدت الأحداث هذه الحقائق حين استعلن في السنوات الأخيرة فشل الفكر الماركشي في بلاده بعد سبعين سنة من التطبيق حيث انهارت القواعد الماركسية اللينية وسقطت تماثيل ماركس ولينين وستالين في مختلف عواصم الغرب .

وكذلك كشفت الأحداث الأخيرة عن عجز الفكر الوافد كله سواء القومي أو الاشتراكي عن العطاء وانهارت هذه الدعوات .

وإذا كان الفكر اليساري قد عجز عن العطاء فمن باب أولى أن يعجز التيار اليساري المسمى بالإسلامي والتيار الإسلامي القائم على مفهوم الاستعلاء بالمفاهيم العقلانية المتخذة من المعتزلة والتي لا تقدم الإسلام مفهومًا جامعًا متكاملاً بين الوحي والعقل .

أما الحملة على الخلافة فهي لا تحجب دعوة الوحدة الإسلامية الجامعة التي يمكن أن تتشكل في أي صورة من صور العصر وقد قدمها بعض فقهاء القانون وغيرهم في صورة كومنولث إسلامي أو جامعة إسلامية فإذا أضفنا إلى هذا التعددية الحزبية والشورى الملزمة والعلاقات السمحة مع غير المسلمين وترابط العروبة والإسلام تشكلت أمامنا صورة واضحة لملامح وخيوط المشروع الحضاري الإسلامي الذي يتطلب العمل من الآن على : الأسس التالية .

أولاً : أسلمة المناهج والعلوم والمعرفة وتقديم البدائل الأصيلة مكان المفاهيم الوافدة في مختلف المجالات .

ثانيا : بناء قاعدة صلبة للتربية الإسلامية الخالصة التي تحتفظ بعناصر الأمة وقدرتها على الإيمان بحق الله تبارك وتعالى على المسلم في دائرة الاستخلاف والعمران والسعي والتحرر من الضعف والرخاوة والترف الوهمي وكلها من علامة الهزيمة التي تبثها أدوات الترفيه .

ولابد أن تخرج الأمة الإسلامية من طابع الضعف وتدخل مرحلة الصمود والعزيمة وذلك حتى تستطيع أن تحقق وجودها الحقيقي وتقيم مجتمعها الأصيل الذي يحمل طابع ذاتيتها الخاصة المي دائرتحرر من التبعية وذلك حتى تستطيع أن تقدم الإسلام للبشرية كلها لتحررها من عوامل القلق الهائل الذي أصاب النفوس والأرواح نتيجة عبادة المادة وتزلزل قيم الأخلاق وهذا إجمال له تفصيل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al3elmway.ahlamountada.com
Admin
Admin



المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 06/10/2010

مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى   مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 17, 2010 8:26 am

الآفاق الجديدة للدعوة الإسلامية

الأستاذ/ أنور الجندي

أعتقد أنه أصبح من الضروري في هذه المرحلة الجديدة من حياة الأمة الإسلامية إعادة النظر في موقف الدعوة الإسلامية وتصحيح حركتها ومواجهة العقبات التي تحاول أن تعترض طريقها .

أولاً : لابد من العودة إلى اتخاذ موقف واضح في سبيل استعادة القدس باعتبار أن هذه هي القضية الأولى والأساسية التي يجب أن تحشد لها الجهود وتركز حولها الاهتمامات ، فهي قضية المسلمين جميعًا وليست قضية العرب وحدهم .

والمسلمون مطالبون جميعًا باستعادة الأرض المغتصبة ، فإذا لم يتمكنوا منها في مرحلة من المراحل أو لسبب من الأسباب فيجب أن تظل القضية قائمة ومثارة وموضوعة دائماً في دائرة الضوء .

ولابد أن يوجه لها المسلمون جانبًا من مقدراتهم لهذا الغرض التماسًا لحق الله تبارك وتعالى في موارد المسلمين مما يوجه لحماية الثغور وحشدها والقدرة على الردع واستعادة الأرض المغتصبة .

ثانيًا : التماس الوسائل التي تعيد للمسلمين وحدتهم وتحول دون الوقوع في الخلاف أو الصراع، وذلك بتقريب المذاهب والارتفاع فوق المسائل الفرعية والارتقاء في مجال القيم الكبرى الموحدة للمسلمين في دائرة التوحيد والنبوة وتحاشي كل ما يتعلق بالخلافات ، سواء أكانت قومية أو اقتصادية أو ما يتعلق بالدم أو الجنس أو العرق ، وليحذر المسلمون دائمًا المداخل التي يستطيع منها النفوذ الوافد الوقيعة بين عناصر المسلمين الذين تجمعهم دائرة الخطر، وليعلم المسلمون أنهم على مدى تاريخهم الطويل ماكانوا ليؤتوا إلا من خلال هذه الثغرة .

ويستطيع المسلمون أن يدعموا هذا الجانب ويسدوا هذه الثغرة عن طريق إدخال دراسات عن الوحدة الإسلامية الجامعة إلى مناهج التعليم والتربية من أجل القضاء على الخلافات وتفويت الفرصة على الخصوم وتقريب وجهات النظر .

فقد كانت الدعوات الإقليمية والقومية على مدى السنوات الماضية بتوجيه من النفوذ الوافد عاملاً شديد الخطر على تقسيم المسلمين إلى عرب وفرس وترك وبربر ، ومن يراجع تاريخ العالم الإسلامي في العصور الحديثة بعد عام 1500 ميلادية يستطيع أن يكتشف مدى الخطر الذي حل بالمسلمين نتيجة الصراع بين العرب والترك وبين الترك والفرس وبين العرب والفرس ، علمًا بأن المصدر الحقيقي لهذه العناصر جميعها هو الإسلام ، الذي جاء به محمد بن عبد الله والقرآن المنزل بالحق، ولكن النفوذ الأجنبي كان حريصًا على أن يوجد أكثر من صراع بين أجزاء الأمة الإسلامية سواء أكان صراعًا يتعلق بالعنصر (أكراد – عرب – ترك – فرس) أو بالعقيدة (سنة وشيعة) أو بالمذهب الاجتماعي الوافد (قوميون وماركسيون وليبراليون).

وقد استشرت في فترة ما الأنظمة المستعلية بسلطان الفرد أو المستعلية بسلطان الفرد أو المستعلية بالسلطان القبلي وكان لها أثرها على اضطراب المجتمعات وظهور أزمات شديدة الخطر مما يتطلب التماس مفهوم الإسلام حول الشورى والعدل الإجتماعي فهو وحده القادر على حماية الأمة الإسلامية من المخاطر والمحاذير التي تحاول تدميرها.

ثالثًا : لقد أعطى الله تبارك وتعالى الأمة الإسلامية ثلاثة مصادر أساسية للثروة : هي الطاقة وثروة الركاز والتفوق البشري ، وهي بذلك في موضع الامتحان لحماية مقدراتها مما يمكنها من رد العدوان عن أراضيها ، ولقد آن الأوان لكي تقوم في بلاد المسلمين صناعات كبرى تنفق فيها من فوائض الأموال وذلك حتى يتحقق للمسلمين إقامة فريضة من أكبر فرائض الإسلام أهمية وهي الزكاة .

ولقد دعت بعض الدول الأوروبية المسلمين إلى استقطاع مبالغ تساوي 20 في المائة من مدخراتها للإصلاح الاجتماعي الشامل ، ولم يكن المسلمون في حاجة إلى توجيهات خارجية ، فإن الإسلام قد شرع للحكومات تخصيص زكاة الركاز (وهي تساوي 20 في المائة) للارتفاع بمستوى المجتمع الإسلامي .

رابعًا : من أخطر الظواهر التي يجب أن تعالج بواسطة مؤتمر إسلامي عالمي : ظاهرة قيام الحرب بين عناصر الأمة الإسلامية بعد أن كانت الحروب تقوم على مدى التاريخ الإسلامي بين المسلمين وبين أعدائهم وخصوم دينهم .

ويتطلب هذا الأمر دراسة العوامل التي فرضتها المفاهيم الوافدة حول الخلافات الفكرية والعقائدية ومدى تباين وجهات النظر بين النظرتين القومية الغربية وبين مفهوم العروبة الإسلامية .

خامسًا : مازال المجتمع الإسلامي يتطلب من الحماية مايحول بينه وبين استغراقه في وسائل التدمير الخلقي والاجتماعي بتفشي الخمور والمخدرات والسهرات الصاخبة والتصرفات الفاجرة التي تزخر بها بعض الفنادق والبيوت .

ولعل عبرة التدمير التي وقعت في بعض الأماكن من شأنها أن تنبه المسلمين إلى هذا الخطر .

سادسًا : النهضة العسكرية القائمة على التدريب والنضال وحمل السلاح يجب أن تستمر بصورة أكثر اتفاقًا مع أوضاع السلام دون أن يوقب نهائيًا ، فالشباب العربي والمسلم في حاجة إلى أن يكون على تعبئة دائمة ومدربا تمامًا على الظروف الحرجة والمفاجئة ، وأن لا يركن أبدًا إلى التراخي والاستسلام والأمن الخادع الذي كان يعيشه شبابنا في بعض البلاد الإسلامية في المرحلة السابقة، وليعلم أن عليه مسؤوليات جساما ولا تزال أمامه قضايا معلقة في حاجة إلى تربية قدرته القتالية.

ولا ريب أن الآمال التي كانت منعقدة على الدعوة الإسلامية قبل حرب الخليج قد ازدادت وتضاعفت ، وتأكد أن الوجهة الإسلامية هي الملاذ الأكبر للأمة الإسلامية لإخراجها من جميع أزمات اضطراب الشورى والعدل الإجتماعي ، وما تزال هناك ثغرات لا يستطيع سدها إلا الإسلام .

فالإسلام هو مفتاح الوحدة الإسلامية الجامعة المرتجاة ، والتي هي وحدها المخرج الحقيقي للعرب من أزمة الصراع بين الأقليات والقوميات وليس هناك إلا منطلق واحد وهو أن يكون النظام الإسلامي هو السبيل الوحيد ، للعمل وذلك بعد أن انهارت المذاهب العلمانية والشيوعية ولم يعد للمسلمين والعرب من منطلق حقيقي إلا من خلال مفاهيمهم وقيمهم وعقيدتهم وتراثهم .

واليوم تتطلع قوى المثقفين والمفكرين الغربيين إلى الإسلام كمنقذ للحضارة الإنسانية وتنتظر من المسلمين والعرب أن يطبقوا منهج الإسلام ، حتى يستطيع العالم أن يرى سلامة التجربة التي أعطت العالم ألف سنة كاملة خير عطاء في مختلف مجالات النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية .

ولقد تبين أنه لم يعد في الإمكان أن يظل المسلمون والعرب سائرون في دائرة التبعية ، وأنهم يجب أن ينطلقوا إلىعصر الرشد الفكري الذي يمكنهم من حق التصرف في مقدراتهم وبناء نواة عربية إسلامية أساسية للاقتصاد العربي الإسلامي وحماية مواردهم من أن تستهلك بمفهوم غير إسلامي حماية لنعم الله تبارك وتعالى من أن تكون وقودًا للترف والاستعلاء وزخرف الحياة الدنيا .

إن كل الأحداث التي مرت وتمر بنا في السنوات الأخيرة من حروب (إيران والعراق – لبنان – حرب الخليج) لابد أن تدفعنا إلى التعرف على منهجنا وموقف الإسلام الأصيل فهو وحده القادر على إخراجنا من تلك الأزمات المتلاحقة وإقامتنا في مكاننا الحق .

إن أهم ما يجب أن نتوجه إليه اليوم هو إقامة المشروع الحضاري الإسلامي بعد أن فشلت الأفكار والخطط والتنظيمات التي حاولنا أن نقتبسها من الفكر الأممي سواء في مجال حكم الفرد أو احتكار السلطة أو تقيد الدكتاتوريات والأنظمة الشمولية .

إننا في حاجة ماسة إلى التماس (تكامل العروبة والإسلام) والانفتاح بينهما ونسيان صفحات المآسي والمرارة التي امتدت على مدى التاريخ بين أمة لا إله إلا الله تحت وسوسات الغرب الحريص على تمزيقنا عربًا وفرسًا وتركا ، أو سنة وشيعة أو ليبراليين وماركسيين وقوميين ، وعلينا الانطلاق من حدود الوطن العربي إلى ساحة الأمة الإسلامية ، فهي المنطلق الحقيقي لبناء الحضارة الجديدة المستمدة من القرآن الكريم وشريعة محمد بن عبد الله رسول الله الخاتم وخاتم رسالات السماء والدعوة العالمية الخالدة .

لابد من ثلاث :

1- التنمية العربية الإسلامية المستقلة .

2- الطابع العربي الإسلامي المميز .

3- بناء القدرة العسكرية العربية الإسلامية القاصرة على الردع ودفع العدوان وإعداد الشباب المسلم لمهمة الرباط في سبيل الله ، ولا ننسى أولاً وأخيرًا حق بيت المقدس علينا في تخليصه من الغاصبين وإزاحة خطر إسرائيل الجاثم على قلب الأمة الإسلامية .

***

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al3elmway.ahlamountada.com
Admin
Admin



المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 06/10/2010

مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى   مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 17, 2010 8:28 am

***

فلنذكر دائمًا الغاية الأساسية ولا تشغلنا الجزئيات

الأستاذ/ أنور الجندي

ما تزال الكلمة الأولى هي الكلمة الأخيرة : هذا وطن الإسلام الذي سرق منه واستولى عليه الاستعمار وحاصر دينه وعقيدته في مؤامرة ضخمة لتدميرهما وتحويل هذه الأمة إلى عبودية الأممية والخضوع للحضارة الغربية والانصهار في المجتمع العالمي المادي العلماني الذي مرق من العبودية لله تبارك وتعالى مفكرًا هذه الرابطة متحللاً منها داعيًا إلى نقضها في محاولة للخروج عن سنن الله تبارك وتعالى.

وبالرغم من مرور أكثر من مائة وخمسين عامًا على الوطن الإسلامي وهو محاصر في دائرة النفوذ الغربي بشكل أو بآخر، وبالرغم من جهاد الأبرار على طول هذا المدى في سبيل الحفاظ على البيضة وحماية الفكرة .. فإنه مهما بدا أنه حر في حركته فهو مقيد محاصر مصادرة ثرواته ومقدراته ، مغرّب شبابه ورجاله حيث تحتويه دعوات الماركسية والليبرالية والقومية والفرعونية في محاولة مستمينة لفصله عن عقيدته ولتحطيم وحدته الكبرى بعد أن أسقطت خلافته ليظل دائمًا ممزقًا مستدلاً .

ولقد عملت اليقظة الإسلامية دائبة على تحريره من قيوده وخطت في سبيل ذلك خطوات واسعة انتقالاً إلى الصحة) في سبيل الوصول إلى (النهضة) غير أن كثافة ردود الأفعال ومضاعفة النفوذ الغربي لعمليات التغريب والغزو الفكري فإنها ماتزال تعمل في محاولة مستميتة لتصهرنا في بوتقة الغرب .

يأتي هذا الخطر عن طريق التعليم والثقافة والصحافة مما يتطلب منا الإلحاح الدائم على تذكر الغاية الأساسية وهي حماية أمتنا من الخطر المسلط على منهجنا الأصيل .

إن تتابع محاولات الاحتواء التي تجري اليوم تحت أسماء مختلفة تحاول أن تصورنا في صورة الأمن الخادع ظنًا منا أننا قد امتلكنا إرادتنا فلا خوف من صهرنا في بوتقة الأممية العالمية أو القضاء على تميزنا وخصوصياتنا ، التي أعطانا إياها الإسلام منذ أربع عشر قرنًا ، والتي ما تزال هي أخطر مايجب الحفاظ عليه وحمايته والتضحية بكل شيء في سبيل الدفاع عن هذه الخصوصية وهذا التميز فهو عنوان إسلامنا الذي ندافع عنه بالأرواح وبالأجساد المتراصة .

إن مهمتنا الحقيقية هو (البناء على الأساس) لسنا نطالب بالعودة إلى الماضي أو إحياء التاريخ ولكنا ندعو إلى التماس أصول منهجنا الذي بني عليه كياننا منذ أربعة عشر قرنًا : هذا المنهج المرن الواسع الأطر القابل لمتغيرات العصور والبيئات دون أن يتهم بالجمود أو التطرف إن النفوذ الأجنبي بهذه الجريمة التي ارتكبها منذ مائة سنة حين حجب منهجنا الإسلامي وشريعتنا وهدم وحدتنا الكبرى قد خالف طريقنا وفتح أمامنا السبل المتفرقة المضطربة وقسم عقيدتنا ومزق وجهتنا بين مذاهب وايدلوجيات بشرية مضطربة وقع الغرب في منزلقها لأنه اختار أن يترك ميراثه السماوي جملة ، أما نحن المسلمون فقد وجدنا أنفسنا على الجادة إزاء رسالة خالدة وكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومنهج أصيل جامع وتاريخ عريق تتمثل فيه تجربة المسلم في سبيل بناء المجتمع الرباني (وإن لم يصل بعد إلى تحقيقها على الوجه الصحيح) .

فإذا نحن طالبنا أن نزيل هذه المرحلة المظلمة من التبعية للغرب حين فرض علينا قانونه الوضعي ونظامه الربوي ومنهجه العلماني ارتفعت الأصوات تصفنا بالجمود والتخلف والرجعية ، وما نحن من ذلك كله في شيء ، ولكنا فور أن نصحح الخطأ ونزيل تبعية فرضت ولم نقبل بها يومًا واحدًا من أيام حياتنا الماضية وكنا نتطلع في كل صباح لأن نعود إلى المنابع ونلتمس أصالتنا ونلتمس طريقنا الأصيل عملاً بالآية الكريمة .

﴿وَأنَّ هَذَا صِرَاطِيْ مُسْتَقِيْمًا فَاتَّبِعُوْهُ وَلاَ تَتَّبِعُوْا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِه ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِه لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ﴾ سورة الأنعام آية153.

نحن نختلف عن أصحاب الولاء للتبعية الغربية في أننا نطالب بتصحيح المسيرة ، مستمدين ذلك من واقع حياتنا ، فهي ليست معارضة خلاف أو خصومة ، ولكنها مراجعة تلتمس الوصول إلى الجذور والمنابع والبناء عليها ، مراجعة تحرير من تبعية هدف غربي أو ولاء لهذا المنهج أو ذاك من مناهج البشرية التي أثبتت التجربة فساد تطبيقها وسقطت في بلادها التي أنشأتها، وهي مراجعة يطالبنا بها العالم كله اليوم بعد أن أصبح الإسلام هو الأمل الوحيد للبشرية لإخراجها من الظلمات إلى النور .

فها نحن نرى أعلام الغرب وعلماءه يعلنون موقفهم من الإسلام ويكشفون عن فساد تلك الايدلوجيات واضطرابها وعجزها عن العطاء وها هم رجال القانون الغربيون في عديد من المؤتمرات العالمية يعلنون أن الشريعة الإسلامية هي أمل البشرية ومطمع أهلها ، يقولون هذا بينما أهلها مازالوا غارقين في تبعية بغيضة للقانون الوضعي بكل سوءاته وآثامه وحرمانه للأمة الإسلامية من حماية حدود الله تبارك وتعالى وتطبيقها .

2- إننا في حاجة دائمة إلى وعي رسالتنا وأمتنا ومهمتنا التي سوف نسأل عنها بين يدي الله تبارك وتعالى ، وهي الذود عن أمانة الدعوة إيمانًا بأن هذه الأمة الإسلامية هي الأمة الخاتمة المصطفاة لحمل رسالة التوحيد إلى العالمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

وأن جميع الرسالات التي سبقت كانت بمثابة تمهيد وإعداد لهذه الرسالة الخاتمة وأن (الصحوة) في الأمة تنبعث دائمًا من داخلها من منطلق تصحيح المسيرة وليس بعامل خارجي إلا أن يكون الوعي بالخطر الذي يحيط بها .

وقد صدقت مقولة شيخنا أبي الحسن الندوي حين يقول:

(إن الصحوة الإسلامية هي صفة الإسلام ويجب أن تتصل اتصالاً وثيقًا في حلقاتها لأنها الأمة المختارة والأخيرة والمبعوثة للإنسانية كلها) . وقد امتاز الإسلام بأنه يختلف عن الدعوات السابقة بأن له فترات إصلاحية فورية جذرية تدعو إلى العودة به إلى الأصل الأول.

حيث لم تخل مرحلة من وجود مصلح أو مجدد أو داعية للصحوة الإسلامية في هذا البلد أو ذاك على اختلاف المساحات والأرجاء فالصحف الإسلامية في الحقيقة من طبيعة الإسلام ويجب أن تتصل اتصالاً وثيقًا في حلقاتها فإنها الأمة المختارة أو الأمة المبعوثة للإنسانية جمعاء ومن هنا نفهم معنى (الأمانة) الكبرى التي يحملها المتصدرون للدعوة الإسلامية ومدى خطر المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأهمية الدور الذي هم مكلفون به ، والذي يجب أن يصل بهم إلى اليقين الوثيق في صدق هذه الدعوة وانتصارها وضرورة بذل النفس والنفيس في سبيل تبليغها وحمايتها وتصحيح المفاهيم ويبدو ذلك واضحًا في حديث رسول الله.

يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف المغالين وتزييف المبطلين وتأويل الجاهلين:

فمهما ادلهمت الأحداث واستعلى الباطل وارتفع صوت الضلال وظن الناس أن الأمور كلها قد اسلمت نفسها إلى هذا الانحراف الذي تنطلق به عجلة الحضارة المعاصرة والدول التي تسوقها نظم السيطرة الربوية العالمية بكل ما تمثله من فساد خلقي وانحراف وإسراف واندفاع نحو الهاوية ، فإن نور الحق لابد وأن يسطع وأن ترتفع كلمة الحق ، ولابد أن تغلب وكل من يسير في غير اتجاه الحق فإنما يسير ضد تيار التاريخ والفطرة.

ومن سار ضد تيار الفطرة لابد أن يتحطم ويدمر ولقد استعلت الحضارة الغربية بالباطل وساقت العالم كله وراءها الآن ، وفرضت مفاهيمها وقيمها وبقي ضوء الإسلام ممتدًا وإن كان خافتًا لم ينطفئ أبدًا ، ولاتزال الضربات تتوالى على المسلمين في كل مكان : ضربات الاقتصاد والتحلل الاجتماعي وكلها تستهدف أن يستسلم المسلمون ويقبلون بالانصهار في هذا النظام المنهار المتعفن الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

ولكن بقي على المسلمين أن ينظروا إلى غد وأن يؤكدوا موقفهم المسؤول عن الأمانة التي حملهم إياها الحق تبارك وتعالى ولا يتراجعوا أو ينزعجوا أمام التضخم والاستعلاء واتساع منطلقات الباطل وظلمه وفساده وتعدد معسكراته ، وعليهم أن يثبتوا واثقين بالنصر من الله لهم وكل يوم لهم فتح قريب.

ويجب أن يعلم المسلم أن كل هذا الفساد إلى زوال وأن الله تبارك وتعالى يأتي الأرض ينقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحمه ومن هنا فيجب أن يكون المسلم مطمئنًا إلى اليقين في الله وأن يظل المسلم مقاتلاً لا يستسلم أمام أهواء الحضارة أو فساد التيارات الفكرية العصرية غير مستسلم لها ، يقيم شرعة الله في نفسه وبيته وآله والمسلم مهما ادلهمت الأحداث فهو واثق من فرج الله ولا يميل أبدا إلى سوء الظن ولا يتقبل صور التشاؤم أو ظلام الأحقاد مهما كان قائلها بارز الصيت أو مكتوبة في صحف لامعة أو شهيرة فذلك وما يريده العدو الذي يطمع في أن يصل المسلم إلى مرحلة الاستسلام واليأس وكيف ينفض المسلم يده من الأمر وهو يعلم مسؤوليته أمام الله تبارك وتعالى على هذه الأمانة القائمة في عنقه وذلك الوعيد الصادق الأكيد بالنصر مهما ادلهمت الأحداث ؛ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا أتاهم نصرنا . وباب السماء مفتوح ونصر الله قريب إن مسؤوليتنا أن نصمد في موقفنا مؤمنين بأننا على الحق مرابطين حتى ننتصر أو نستشهد.

إن الوعي بحقيقة المخطط المرسوم لاحتواء الإسلام والمسلمين يجعلنا قادرين على التماس الطريق الذي رسمه الحق تبارك وتعالى لنا للخروج من كل مأزق ، وعلى شبابنا المسلم أن يكون على وعي كامل بعدة حقائق أساسية:

أولاً : أن مجتمعنا القائم الآن يمكن أن يكون نقطة انطلاق إلى واقع إسلامي لأن قاعدته الأساسية ماتزال سليمة وصالحة إذا أحسن توجيهها نحو البناء على الأساس وفق مفهوم النظام الإسلامي ، غير أن هذا الواقع القائم الآن ينقصه الكثير ويتطلب تصحيح كثير من مفاهيمه وقيمه وتعديل مساره نحو الطريق الأصيل وأهم ما يتطلبه هو التعامل الاجتماعي من قاعدة (الحفاظ على الحلال وتجاوز الحرام) سواء في المعاملات التجارية أو في العلاقات بين الرجل والمرأة.

ذلك لأننا كمسلمين وقد تشكل مجتمعنا منذ أربعة عشر قرنًا على مفاهيم الإسلام نؤمن بالقاعدة الأخلاقية الثابتة أساسًا متينًا للبناء الاجتماعي والتعامل الاجتماعي محررًا من شبهة الربا في الاقتصاد وشبهة الإباحة في المجتمع .

وهذا التوجه هو الذي تنظمه الشريعة الإسلامية فتحفظ المسلم من الانحراف وتحمله على تجاوز الحرام سواء في تعامله الاقتصادي أو الاجتماعي . وهذا ما ينقص مجتمعنا اليوم الذي يندفع بقوة نحو البحث عن الموارد والكسب والتعامل التجاري دون أن نضبط تعامله إسلاميًا بتحريم الربا أو أخلاقيًا بتجاوز الحدود.

ومن هنا فنحن في أشد الحاجة إلى الدخول في مرحلة تصحيح الوجهة ، وذلك بإقامة معاملاتنا سواء في مجال التجارة أو ااجة إلى الدخول في مرحلة تصحيح الوجهة وذلك بإقامة معاملاتنا سواء فيًا بتجاوز الحدود .

لاقتصادي أو الاجتماعي . لزراعة أو الاقتصاد على أساس تحري الحلال وتجاوز الحرام وكذلك إقامة علاقاتنا الاجتماعية على أساس نفسه.

وفي هذا المنطلق نحن في حاجة إلى تحرير أساليب التسلية والترفيه (سواء منها المسرح أو التلفزيون أو غيرها) .

من القصص الماجن والروايات والأفلام والمسلسلات المنحرفة التي تجعل مآثم المجتمعات وكأنها حقائق مشروعة وذلك لحماية شباب الأمة من الوقوع في الخطأ أو الخطر.

ثانيًا : إن الأصول الإسلامية لمجتمعنا يجب أن تكون واضحة في حركة الفكر فلا نجد المناهج والأبحاث تقدم وجهة نظر الفكر الليبرالي أو الفكر الماركسي على أوسع نطاق دون أن تقدم وجهة النظر الإسلامية سواء في مجال القانون أو الاقتصاد أو التربية في محاولة لإعلاء التصور الغربي وحجب التصور الإسلامي في محاولة لإعلاء منهج مغلوط هو أن الإسلام لا صلة له بالمجتمعات من حيث توجيهها ورسم مناهج تحركها ومعاملاتها لإفساح المجال أمام القانون الوضعي وإعلاء مفاهيم العلمانية .

وهذا التصور في مجموعه لا يمثل حقيقة مجتمعنا القائم أساسًا على الشريعة والذي يطالب بتطبيقها في مختلف المجالات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al3elmway.ahlamountada.com
Admin
Admin



المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 06/10/2010

مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى   مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 17, 2010 8:30 am

هذه المقالات منقولة من موقع المفكر الإسلامى الأستاذ / أنور الجندى

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al3elmway.ahlamountada.com
 
مقالات للمفكر الإسلامى أ/ أنور الجندى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طريق العلم الإسلامية :: الفئة الأولى :: الإسلامية :: المنتدى الإسلامى العام-
انتقل الى: